ناطق نيوز

أبراج عبدون… هل المقصود المشروع!

أبراج عبدون… هل المقصود المشروع!
ناطق نيوز-كتب محرر الشؤون الإقتصادية
تابعنا قبل أيام تم الإعلان عن توقيع اتفاقية ايجار لقطعتين أرض و شراء لأخرى في منطقة كوريدور عبدون بهدف الاستثمار.
المنطقة لمن لا يعلم ما زالت غير مطورة، وأمانة عمان وذراعها الاستثماري تملك العديد من الأراضي هناك ولم يستفاد منها بعد بسبب عدم اقبال المستثمرين عليها.

جاءت شركة سويسرية ومستثمرون سويسريون وعلى مدى أربع سنوات دخلوا بمفاوضات عميقة وجدية مع الأمانة، وقاموا بالتعاون مع شركات أردنية سواء للتصميم أو القانون أو المحاسبة أو غيرها في مفاوضات ونقاشات واسعة تكللت بالاعلان عن المشروع، ويقال بأن الشركة المستثمرة تكلفت مبالغ مالية لغاية الآن تزيد عن أربع ملايين دينار، لانهم وجدوا أن بناء أبراج في الأردن سيكون مميزا، عكس دول أخرى تملك المئات من الأبراج.

بعد توقيع اتفاقية اطارية تحمل شروط مسبقة وكفالات بنكية تحمي الأمانة تم توقيع العقد، علما أن تلك الأراضي لم يكن عليها طابور للاستثمار والمستثمرين سيما في ظل تداعيات جائحة كورونا والصراعات والحروب التي تشهدها المنطقة! فخيار الأمانة بالمحاولة كان ذكيا، لأن في نجاح المشروع فرصة كبيرة لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية والمحلية، ونحن احوج ما نحتاج إليه اليوم لمثل هذا الاستثمار في ظل تزايد اعداد العاطلين عن العمل وتراجع التعيينات في القطاع العام، فضلا عن أن أمانة عمان لن تتحمل أي كلفة مالية بل على العكس تماما ستحقق مردودا ماليا من تأجير قطع الأراضي.

قدوم مستثمر؛ لتوقيع الاتفاقية وسط حضور سفيرة سويسرا لدى الأردن وشخصيات اقتصادية أمر في غاية الأهمية ويلفت أنظار طامحين للاستثمار في الأردن ويعكس صورة جميلة عن المملكة التي تتمتع ببيئة استثمارية في ظل مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، وكذلك في ظل ما يتمتع به الاردن من سمعة دولية نتيجة حالة الامن والاستقرار التي تُعد مصدر ثقة للمستثمر، ولو افترضنا أن امانة عمان رفضت فكرة المشروع فإن أصابع الاتهام ستوجه لها بأنها رافضة للاستثمار و معطلة له، وهذا يضر بسمعة الأردن الاستثمارية.

بعد التوقيع الاولي للاتفاقية تابعنا جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام حول التشكيك بامكانية نجاح المشروع وتنفيذه على أرض الواقع لأسباب عديدة، ونقول بأن من حق الأردنيين تقديم مخاوفهم ووجهات نظرهم، ولكن اللافت للانتباه هو محاولة تكوين راي عام بأن هذا المشروع فاشل وأن الأردن سيتعرض لخسارة كبيرة حتى بات فشل المشروع أمر واقعي ونحن ما زلنا في البدايات ولم يحصل شيء على أرض الواقع، فالحكم المسبق على المشروع بالفشل أمر يصعب علينا أن نخلق بيئة استثمارية جاذبة بل بلا شك يخوف أي مستثمر في المستقبل من القدوم للأستثمار في المملكة، وهذا ما نعاني منه في اقليم الجنوب الذي بات بيئة طاردة للاستثمار الخارجي والمحلي بسبب ما نشر من اشاعات عن الجنوب وأهله، فلماذا دائما نقف في وجه أي فكرة استثمارية؟!.

هكذا نستقطب الاستثمارات لمملكتنا الحبيبية؟!.

معلومات من مصادر تحدثت عن أن الشركة المستثمرة اعتراها القلقل اليوم من الاستمرار في تنفيذ المشروع في ظل ما تعرضت له من هجوم وتشكيك بقدرتها على التنفيذ، ويخشون من المضي بمشروع طاله التشكيك والاشاعات قبل البدء بتنفيذه، ونعتقد أن هذا حق لشركة الاستثمار فكما يقال صاحب المال دائما “جبان” خاصة إذا ما كان استثماره خارج وطنه، بينما في مصر وتركيا ودول الخليج العربي تفتح للمستثمر كل الابواب على مصراعيها.

المطلع على هكذا مشاريع وطريقة عملها يعلم أن التمويل يقوم على جزئين، جزء بين ٣٠-٤٠ بنكي، و الباقي (equity) أي من شركات استثمارية وصناديق عالمية، وهذا الأمر معمول به في جميع دول العالم وليس في الأردن فقط ولا أحد يستطيع أن يجبر أي بنك أو صندوق المغامرة في تمويل هكذا مشروع إذا لم يكن هناك فرصة كبيرة لنجاحه وتنفيذه.

لا نتهم أحد ممن انتقد بنواياه، وإنما علينا أن ندرك بأن تداول معلومات غير دقيقة لطالما وجدناه تؤثر على خلق فرص الاستثمار وجذبها للأردن، فكل مشروع استثماري يتعرض دائما لهجوم عنيف قبل أن يرى النور ، ولو قارنا استقبال دول إقليمية مثل الخليج العربي ومصر وتركيا للمستثمر والاستثمار، وبين استقبالنا في الاردن لوجدنا أن الفارق كبير بيننا وبينهم، فنحن يبنى الاستثمار لدينا من أول يوم على الشك وانعدام الثقة والاتهام بالفساد، وهم يبنى الاستثمار لديهم على اليقين والمصداقية وتوفير الفرص، فالاراء تبنى على حقائق لا على التكهنات.

في النهاية لا بد من التأكيد على أن الفرصة الوحيدة لتحقيق اقتصاد أردني قوي وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل هو جذب الاستثمار الخارجي وتشجيع الاستثمار المحلي مع ضرورة التأكد من كامل الاجراءات القانونية للشركات المستثمرة وقدرتها على تنفيذ المشاريع وتقديم ضمانات للدولة من قبل المستثمرين تؤكد القدرة على تنفيذ المشاريع، وفي حال حدوث تعثر تتحمل الشركات كامل الشروط التي تنص عليها الاتفاقيات في حال أخل أي طرف من طرفي الاتفاقية بالاتفاقية.