ناطق نيوز

التشريع بين النص والواقع: أين يقف المواطن الأردني؟

التشريع بين النص والواقع: أين يقف المواطن الأردني؟
ناطق نيوز
يُفترض بالتشريع أن يكون العقد المنظّم للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وأن يمثل الإطار الذي تُدار ضمنه الحقوق والواجبات بكفاءة وعدالة. غير أن الفجوة بين النص القانوني وتطبيقه العملي ما تزال من أكثر القضايا التي تشغل المواطن الأردني اليوم، ليس من باب التشكيك في بنية الدولة، بل من زاوية الحرص على تطوير أدائها وتعزيز ثقة الناس بمؤسساتها.

في الأردن، لا يمكن إنكار أن المنظومة التشريعية شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى تحديث القوانين أو مواءمتها مع المتغيرات السياسية والاقتصادية. إلا أن التحدي الحقيقي لا يكمن في جودة النصوص وحدها، بل في آليات التنفيذ، وفي قدرة التشريع على ملامسة الواقع اليومي للمواطن، وتحقيق العدالة بصورة ملموسة لا نظرية.

المواطن الأردني يقف اليوم في منطقة وسطى، فهو يدرك أهمية الاستقرار وسيادة القانون، لكنه في الوقت ذاته يواجه إجراءات معقدة، وتفاوتًا في التطبيق، وأحيانًا بطئًا في إنفاذ النصوص. هذه المعادلة تطرح سؤالًا مشروعًا: هل يُصاغ التشريع بعقلية النص فقط، أم بعين ترى أثره الفعلي على حياة الناس؟

من منظور سياسي، يمكن القول إن التشريع الناجح هو ذاك الذي يُبنى على تشخيص واقعي للمشكلة، ويُدار بعقلية الحوكمة لا الرقابة فقط. فالقانون ليس أداة ضبط بقدر ما هو أداة تنظيم وتحفيز، وكلما كان واضحًا، عادلًا، وقابلًا للتطبيق، ازداد احترام المواطن له والتزامه به.

كما أن دور المؤسسات التنفيذية لا يقل أهمية عن دور المشرع. فالتشريع بلا تنفيذ فعّال يفقد قيمته، ويتحول من ضمانة قانونية إلى عبء إداري. هنا تظهر الحاجة إلى تعزيز المساءلة، وتوحيد التفسير القانوني، وبناء ثقافة مؤسسية ترى في المواطن شريكًا لا متلقيًا للأوامر.

إن السؤال عن موقع المواطن الأردني بين النص والواقع ليس سؤالًا تشكيكيًا، بل سؤال إصلاحي بامتياز. وهو يعكس وعيًا متقدمًا لدى جيل شاب يؤمن بأن الدولة القوية لا تُبنى فقط بقوانين جيدة، بل بتطبيق عادل، وإدارة كفؤة، وثقة متبادلة.

في النهاية، يبقى التشريع أداة من أدوات البناء الوطني، نجاحه مرهون بقدرته على النزول من صفحات الجريدة الرسمية إلى تفاصيل الحياة اليومية. وهناك، فقط هناك، يشعر المواطن أن القانون كُتب له، لا عنه.